مغالطة رجل القش

 المغالطة البهلوانية أو رجل القش (Straw man)‏ 


     هي نوع من أنواع الحجج والمغالطات غير الرسمية، وتكون عن طريق إعطاء الانطباع بدحض حجة الخصم، في حين أن ما تم دحضه هو حجة لم يقدمها الخصم، ويقال أن مستخدم المغالطة «يهاجم رجل القش».

     مغالطة الرجل القش من المغالطات المنطقية الأكثر شيوعا ، وتبنى تلك الاستراتيجية الكلامية على تصدير فكرة دحض كل حجج الشخص في الجهة المقابلة من الحديث، وإظهاره كطرف أضعف خلال النقاش، ويسمى الشخص الذي يقوم باستخدام هذه الاستراتيجية بـ«مهاجم رجل القش».

     قد استخدم هذا الأسلوب عبر التاريخ في النقاشات الجدلية، ولا سيما في النقاشات حول القضايا المشحونة عاطفيًا بشكل كبير حيث يكون النقاش عبارة عن معركة والهدف منه هزيمة الشخص المقابل أكثر مما يهدف إلى التفكير العقلاني أو فهم كلا من الطرفين للقضية.

     والتسمية (أي رجُل القش) مأخوذة من الرجال الوهميين الذين يقوم المزارعون بوضعهم في الحقول لتخيف الطيور – حيث يقوموا بعملهم من الخشب والحشيش وغيره ويلبسونهم بعض الملابس البشرية لخداع الطيور – وتتمثل المُغالطة هنا في شخص لا يستطيع أن يهزم أحد الناس : فبدلا من ذلك يذهب إلى رجل قش فيضربه بدلا من الرجل الأصلي !!



مارتن لوثر والكنيسة الكاثوليكية

     يُعتقد أن أول استخدام لمصطلح «رجل القش» جاء ضمن كلمات كتبها «مارتن لوثر» في كتابه «The Babylonian Captivity Of The Church»، الذي صدر عام 1520، للرد على مزاعم أساقفة الكنيسة الكاثوليكية ورجال الدين الذين يحاولون نزع الشرعية عن منتقديهم، وتحديدًا بشأن الانتقادات التي وجهت للكنيسة حول الطريقة الصحيحة لتقديم القرابين المقدسة.

     يقول مارتن لوثر إنه لم يتطرق لمسألة القرابين في أي من انتقاداته، لكن في الواقع، هم أنفسهم من يقدمون هذه الحجة. ما جعله يصوغ عبارة.. «إنهم يبنون رجلاً من القش قد يهاجمونه».

نقاش الرجل الحديدي

     حجة الرجل الفولاذي، أو الرجل الحديدي، هي المصطلح المضاد تمامًا لمغالطة رجل القش. وفكرتها هي مساعدة الخصم على بناء أقوى شكل لحجته، وقد يتضمن ذلك إزالة الافتراضات المعيبة التي يمكن دحضها بسهولة.

كيف تتعامل مع من يهاجم رجل القش؟

     من الطرق الجيدة لتقليل قابلية تعرضك للحجج المبتذلة في المقام الأول استخدام لغة واضحة ونهائية، مع وجود مساحة صغيرة لسوء التفسير قدر الإمكان، لأن هذا يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لخصمك في تشويه موقفك، ويسهل عليك تصحيحها إذا حاول القيام بذلك.

     بشكل عام، هناك 3 استراتيجيات رئيسية للتعامل مع من يستخدم مغالطة رجل القش كطريق لهدم موقفك، وهي كالتالي.

     الإشارة

     أول سبل التعامل مع «مهاجم رجل القش» تكمن في الإشارة إلى زيف حُجته بلغة واضحة، لكن مع توضيح السبب في كون حجته خاطئة، وكيف تشوه الموقف أو الغرض الأصلي للنقاش.

     التجاهل

     من الطرق الأكثر فاعلية في مواجهة مغالطة رجل القش هي تجاهل حجج الخصم الخاطئة تمامًا، والاستمرار في الدفاع عن الموقف الأصلي بالجدال، تجنبًا للابتعاد عن صلب الموضوع.

     التقبُّل

     في بعض الأحيان النادرة، يمكن أن تتقبل حجة «مهاجم رجل القش» الخاطئة، بدلًا من الاستمرار في الدفاع عن موقفك الأصلي، لكن هذه الحالة، تتطلب البدء في النسخة المشوّهة من موقفك، التي قام الخصم باختلاقها.


الوقاية من الوقوع في مغالطة رجل القش

      من المهم أن تتذكر أنك قد تستخدم أحيانًا بعض الحجج المبتذلة عن غير قصد، وحتى لا تضع نفسك في مثل هذا الموقف عليك أن تتبع عددًا من الخطوات قبيل الدخول في أي جدال.

     وضع النقاط فوق الحروف

     تتمثل إحدى طرق التأكد من أنك لا تستخدم حيلة رجل القش في محاولة إعادة التعبير عن موقف خصمك، ثم سؤالهم عما إذا كان يوافق على وصفك لموقفهم قبل أن تبدأ في المجادلة ضده.

     دراسة الخصم

     في بعض الأوقات قد تختار فيها استخدام حجة القش عن قصد، لأي سبب من الأسباب. ومع ذلك، ضع في اعتبارك أنه في حين أن هذه التقنية يمكن أن تكون مقنعة في بعض الحالات، حيث تشير الأبحاث إلى أن استخدام هذا النوع من الحجة ليس دائمًا الخيار الأفضل من منظور استراتيجي، بصرف النظر عن القضايا المنطقية والأخلاقية المتأصلة المرتبطة باستخدام التفكير الخاطئ.
     أظهرت دراسة حول هذا الموضوع أنه كأسلوب بلاغي، تكون الحجج المبتذلة مفيدة فقط عندما يكون المستمعون غير متحمسين نسبيًا للتدقيق فيها، مما يعني أنهم لا يهتمون كثيرًا بما يقال.
     هذا لأنه عندما يستثمر المستمعون وقتًا في المناقشة ويهتمون بما يكفي للانتباه إلى الحجج التي يتم اقتراحها، فإن أسلوب مغالطة رجل القش قد يكون غير فعال بشكل عام، ويمكن حتى أن يأتي بنتائج عكسية.
     ختامًا؛ تظل «مغالطة رجل القش» وغيرها من المغالطات المنطقية معضلة أخلاقية، حيث تتعارض مصالح البشر، لأن الحقيقة المؤكدة هي رفض أي إنسان أن يظهر بمظهر الشخص قليل المعرفة، لذلك قد يلجأ الجميع في بعض الأحيان لأن يلوي عنق الحقيقة كي تتماشى مع وجهة نظره، طمعًا في الشعور بزهو الانتصار على خصمه بالنقاش.

*مقتبس بتصرف من موقغ qalwdall.com

Comments

Popular posts from this blog

كنيسة القديسين

The Church of the Saints

أخضعت الطبيعة بالكلمة