كليشيهات مقصية للتفكير
كليشيهات مقصية للتفكير
سنة 1961، الطبيب النفسي "روبرت ليفتون عمل كتاب اسمه (اصلاح الفكر وعلم نفس
الشمولية)، واللي كان بيتكلم فيه عن طرق غسل الدماغ في الصين؛ ذكر ليفتون في الكتاب ده مصطلح مهم
جداً وهو "Thought-terminating
cliche" كليشيهات
مقصيه للتفكير، ودي زي جمل محفوظه بيتم ابتكارها بين عناصر المجتمع بتتقال في
حوارات ومناسبات مختلفه تخلي اللي بيسمعها يوقّف تفكيره عندها وكأن خلاص هي دي
الخلاصه بتاع أي حوار .. وللتوضيح، جملة زي (مش كده ولا إيه؟ّ!) اللي بتتحط في آخر أي كلام تعتبر من أشهر أمثله
الـThought-terminating cliche .. اللي هو مجرد ايكليشيه مجتمعي بيتقال في
آخر المقاطع الحوارية من غير ما يقدم أي جديد أو إضافة…
الـ thought terminating cliche خطورتها أنها بتتسرب لكل حاجه في حياتنا لدرجة أنها بتبقي أسلوب حياة، يعني تكون تعبان وقرفان وتيجي تتكلم مع حد قريب منك يروح علطول مدّيك واحده "كله للخير" أو "بكره أحسن"!! طب إيه ياجدعان؟ خلاص كده مشاكلي اتحلت وكله بقى زي الفل؟!!
حرفياً كل حاجه في حياتنا فيها الـ thought terminating cliché والحقيقة ان دي سمة الشعوب اللي موجود فيها نسبة عالية التحجر.
الشعوب اللي مش عاوزه ترهق نفسها في التفكير. هاسرد شوية كليشيهات مشهورين جداً
في الحوارات المجتمعية، أو الجدالات الدينية.
- الإسلام هو الحل
- الكتاب المقدس واضح لا يراه إلا الضرير
- ابن الطاعة تحل عليه البركة
- الكتاب المقدس وكفى
- السيد المسيح مكنش تبع طائفه معينه
- God created Adam and Eve, not Adam and Steve
وأوقات أيات من الكتاب المقدّس كمان، تستخدم كذريعة للـ thought-terminating cliche
- لا وسيط بين الله والإنسان (يبقى مفيش كهنوت)
- مجدي لا أعطيه لآخر (يبقى مفيش شفاعه)
- للرب الهك تسجد وإياه وحده تعبد (يبقى الأرثوذكس وثنيين)
بس كده .. خلص الحوار على كده. اللي هو اتقالت جمله
عبقريه من دول. فكل اللي قاعدين اقتنعوا، ومش عارف اقتنعوا بإيه؟! بس اقتنعوا
وكلّه روّح بيته ومفيش أي مشاكل!
أنا عارف ممكن تقول لأ!! وممكن نتجادل هل الشعارات اللي
فوق ديه صحيحه أم خاطئه. ولو تجادلنا على الشعارات، طب هنتجادل ازاي اني أيات
الكتاب المقدس مش صحيحه ؟ الحكايه مش حكاية صح وغلط، لكن الحقيقة إن الموضوع أقرب
منه لتكاسل معرفي ونمطيه ذهنيه عن أي حاجه تانيه... وإلا كان بالأولى شرح كيفية
تنفيذ الشعارات ديه. أو معنى وملابسات شرح الأيات ديه. بس كتبر منا بيكتفي برمي الـthought terminating cliche ونطلع نجري! .. وقيس بقى على كده كتير .. فالقضيه فعلاً مش شعار
أو فكره أو أيه. إنما ازاي الشعار أو الآيه دي اتغرست في عقولنا وضمايرنا بالشكل
الضحل العاجز ده .. فالمطلوب قبل ما نقول الجمل اياها المشهورة دي نسأل
نفسنا هو احنا خلاص اقتنعنا ولا سكتنا وبطّلنا تفكير عشان زهقنا أو ملنا نفي
نكمّل.. ؟!
فللأسف الموضوع اتحوّل لألفاظ متكررة وأفكار مستهلكه واتهامات
مملة بتتحشر في أي موضوع عشان تسكّت العقول وتوقف أي قرصة إدراك حقيقي للمعلومة..
* مقتبس بتصرف من مقال اكليشيهات مقصيه للتفكير للدكتور
كيرلس بهجت
Comments