الدماغ الناشفه .. د/ كيرلس بهجت
الدماغ الناشفه
أكيد في وقت ما في حياتك، قابلت حد وحسيت وانت بتتناقش معاه انه مش ممكن يكون طبيعي! ده بيجادل وخلاص! لا يمكن يكون مقتنع انه صح ومصدق نفسه ... وقلت في سرك ده "بني أدم دماغه ناشفه" ...
"دماغه ناشفه"، مصطلح بنستخدمه عشان نعبر عن حالة الغشامه والصلابه بتاعة تفكير اللي قدامنا، وخصوصاً لما يكون مصمم على رأي ما أنه صح وخلاص.. وكأنه عاوز يطلع إنه هو الصح بأي طريقه، يعلي صوته، يغلط في اللي قدامه، يغالط في سرد الحقائق، يقول أي هرتله ملوش علاقه بالموضوع، المهم يبقى في الآخر صح!!! .. المفاجأه إن العلم بيقولك إن "الدماغ الناشفه" ليها تفسير... وإن القضيه كلها عباره عن هرمونات !

الموضوع بيبتدي أول ما الانسان يبتدي يدخل في أي مناقشه أو حوار.. ونظراً إن البشر مش كلهم على رأي واحد، فبيتم غالباً الاختلاف مع الشخص ده.. ويتم جداله بالمنطق أو الأدله.. هنا تحصل المشكله، لما الانسان يبتدي يحس انه بيخسر الأرض في النقاش، وانه مش عارف يرد، يبتدي الجسم يفرز هرمون "الكورتيزول - cortisol" اللي مسئول عن حالات الـstress، نظرا إن الجسم هنا عاوز يضغظ على نفسه، يجيب أخره، بفضل في حالة استيقاظ وتوتر مستمره عشان يغلب في الحوار ده بأي تمنّ وكأنه في حالة حرب مش مجرد نقاش وكأن فكرة انتصاره في الحوار ده حياة أو موت!! لغاية ما الانسان نفسه ميقدرش يتحمل مقدار التوتر والضغط ده، فيخرج من شعوره ويفقد هدوءه، بس هو السؤال هنا، ليه الانسان بيتعامل مع الحوار البسيط ده كأنه حياة أو موت؟! ليه الدماغ الناشفه موجوده من الأساس؟! .. عشان للأسف الموضوع عند بعض الناس .. ادمان!!
للأسف الإنسان بيتربى من هو صغير إنه لازم يبقى الصح، فالجسم بيترجم الصح ده برضه في شكل هرمونات، بمعنى أن الإنسانلما بينتصر في أي جدال أو نقاش، الجسم بيبتدي يفرز هرمون الdopamine واللي بيدي الانسان شعور اللذه والمتعة، وكأنه الجايزه اللي بيكسبها الإنسان المنتصر.. فيبقى الانسان في عطش دائم للجايزه ديهّ زي المدمن ، عاوز الهرمون ده بأي طريقه.. اللي خلى الإنسان بالشكل ده، هو أسلوب الحياه اللي احنا عايشين فيها، أسلوب المنتصر الأوحد، الإنسان من هو طفل بيكبر على ان في صح واحد وحيد لازم كل الناس تتبعه وتحترمه.. فيبقى عاوز يكون هو الصح ده، عشان يُتبَع ويُحتَرم.
علماء النفس والأطباء النفسيين شايفين إن حل المشكلة ديه، برضه في الهرمونات.. وهو إن الإنسان يستبدل شعور المتعة واللذه بتاع الـdopamine، بشعور التعاطف والتشارك بتاع هرمون تاني اسمه Oxytocin، وده هرمون بيتفرز لما انسان يبتدي يكتسب مشاعر إيجابي، تجاه اللي حواليه، ويحس بالتواضع والأمان ناحيتهم.. بالمناسبة، هرمون الـOxytocin هو هرمون الانجذاب والحب..
بمعنى، إن مش مطلوب من الإنسان انه يفتح الحوارات والمناقشات كأنه داخل حرب لازم ينتصر فيها عشان شكله وكرامته!! لا أبدا.. إنما يبدأ حوارات عشان يسمع لرأي مختلف ويشوف وجهات نظر تانيه. يدخل حوارات عشان يفيد اللي حواليه ويستفيد منهم، يدخل حوارات عشان يناقش ويتعلم.. أما لو متخيل انه يفتح الحوار عشان يفرض رأيه ويهاجم، ويغلطأي رأي تاني، يبقى أكرم له وأفضل له .. ميدخلش حوارات أو نقاشات مع بشر تانيه .. اللي زي ده عاوز كراسي وترابيزات يكلمهم، مش بشر عندها عقول وفكر مستعده ترد عليه.
Comments